تاريخ النشر: 2019/12/02 - 02:57 مساءا
بقلم الرائد : لنا مخللاتي
منسقة الشرطة المجتمعية / نابلس - ادارة العلاقات العامة
شاب لم يتجاوز العشرين من عمره ، يعيش في الحياة كما يعيش كثير من الشباب الذين فقدوا معنى وجودهم والهدف الذي خلقوا من اجله فتخبطوا في دروب الحياة ومسالكها ، كان في ريعان صباه، وزهرة عمره تملكه عالم السيارات كثيرا لاسيما الاستعراضات والتفحيط ، كان لديه سيارة ينافس بها اصدقاءه في السرعة ، وطالما تنافسوا مرات عديدة ليعلنوا أيهماالأسرع والاسبق فيهم ، اغتر بسيارته وانظمة السلامة فيها وظن انها مانعته من بأس الله ، حذره شرطي المرور ونصحه وخالفه عدة مرات عله ينتصح ويرتدع ، وذكره بعواقب السرعة وما آل اليه اصحاب السرعة الجنونيه من مآلات مفجعة لكنه وللأسف الشديد اعمى بصره ، وغلف قلبه ، وأصمّ اذنه عن سماع الحق ومضى بسيارته يجوب الشوارع بسرعته المعهودة ، وهناك اسرته التي لايهدأ لها بال او يقر لها قرار ، وهي ترى ابنها الوحيد قد أصابه هوس السرعة القاتله ، حيث ارتطمت السيارة بالحاجز الحديدي جراء السرعة التي افقدته التوازن لتنقلب به السياره عدة مرات ليغيب معها عن وعيه ، فاسعفوه على الفور وحينما افاق وجد نفسه في المستشفى ، واصدقاءه الذين كانو معه أغلبهم اصيب بعاهة مزمنة لكنه هو لم يصب سوى بخدوش غير مؤثرة ، اما اصدقاءه فأحدهم شُل ، والاخر كسر في الحوض ، والاخر فقد عقله بعد ضربة في الرأس ، وكان صياح وعويل الاسرة وهم يرون ابناءهم اسرى لاصاباتهم التي يئنون تحت وطأتها وقهرها ، واصابع اللوم والتقريع توجه له ، وكأنها سهام اخترقت قلبه فاحدثت جرحا غائرا ونظراته لاصدقائه ترسل عبارات الاسف والندم ، قائلا : أنا السبب ..أنا السبب فيما جرى لكم ... لم لم أستمع لنصائح جاءتني دون مقابل ؟!! ...لم لم اعِ توجيهات ابي وامي واخوتي ؟!! .. لِمَ لمْ أستمع إلى شرطي المرور ؟!!! .... وظل بضع ايام تساوره الهموم ، ويأسره الغم ، وهو يتذكر ذلك الحادث ، ولكن سرعان ماتلاشت هذه الأفكار والتساؤلات من ذاكرته وكانها سراب ولم يبقً لها اثر في قلبه وفكره ، وعاد الى طيشه مرة أخرى بل اشد من ذي قبل ... فجاءت اللحظه التي لم تكن بحسبانه حيث كان على موعد مع النهاية المأساويه حينما كان يسرع سرعته الجنونيه الى المنزل في أسرع وقت ممكن ، ومما زاد نشوة السرعة لديه صوت الموسيقى الصاخبة المنبعثه من مسجل سيارته ، فقد تفاعل معها كثيرا حتى بلغ عداد السرعة ١٨٠ كم في الساعة ، فاذا باحدى عجلات المركبة تنفجر مما جعله يفقد السيطرة ... يصرخ باعلى صوته ، انقذوني لااريد الموت ، واذا بشاحنة في الشارع المعاكس توقف استغاثته وصراخه ، بعد أن ارتطمت بسيارته لتحيلها الى بقايا متناثرة وقطعا متبعثرة واشلاءه الممزقه تتطاير هنا وهناك لترفرف روحه الى بارئها ، ولتطوي صفحة شاب اخذه الطيش ووأد اماله واحلامه ، وترى اهله يذرفون الدم عوضا عن الدمع وهم يخاطبون جثته الهامده والأسى يملا قلوبهم ويعتصرها ، هذه نتيجة السرعة وهذا نتيجة الطيش واللامبالاة، ولو تكلم لقال باعلى صوته مخاطبا الشباب ، لاتغركم السرعة كما غرتني فو الله اني اتجرع مرارة الندم ، فاي خاتمة سيئة هذه التي أنا بها ؟!!!!!.... حيث يطيش الشباب في الشوارع تقودهم نشوة السرعة وتتملكهم النزوات والاهواء ظانين ظن السوء انهم بهذا السلوك الارعن قد بلغوا القمه ، وناطحوا السماء في ابراجها ، يصرخ الضمير الحي باعلى صوته يدوي في الافاق ،ويخترق الحجب ... رويدا ايها الشباب الفتي فان الامة تبني امالها عليكم ..فلا تقتلوا انفسكم بايديكم فتهلكوا وتخسركم امتكم ....