التاريخ: 2024-10-29 20:03:05
كتب العقيد علي العملة
مدير دائرة التوجيه السياسي والمعنوي
في كل ركن من أركان وطننا الحبيب، تتردد أصداء بطولات أولئك الذين لبوا نداء الواجب في أحلك الظروف، هم رجال الشرطة، والأمن الذين يخاطرون بحياتهم من اجل أن ينام الجميع بهدوء وسكينه، ومن أجل أن تعود الحقوق لأصحابها.
الملازم أول محمد صدقة مثالاً حيًا لهذا الالتزام الوطني والتضحية الذي اقسم عليه عندما قرر ان يلتحق بجهاز الشرطة بأن يحفظ الأمن والسكينة، فمحمد استُشهد أثناء أداء مهمته الوطنية في ملاحقة الخارجين عن القانون، ففي تلك اللحظة الحاسمة، لم يكن محمد مجرد ضابط شرطة، بل تجسدت فيه معاني الشجاعة والفداء، وهو يواجه المخاطر بكل عزم وإرادة.
لقد كان الملازم أول محمد صدقه يقف مُدافعًا عن كرامة الوطن وأمنه، مؤمنًا بأن الحياة بلا أمن لا تعني شيئًا، لكن في تلك اللحظات التي كان محمد ورفاقه يحاربون الفوضى ويلاحقون الفوضويون، المغيبة عقولهم، والفاقدين للمروءة والصواب، الذين أطلقوا نيران حقدهم التي اخترقت جسد محمد، والتي أزهقت روحه دون أن تنال من عزيمته ، أصبحت هناك نقطة تحول في مسيرة وطن بأسره، حيث ترك محمد وراءه إرثًا من الشجاعة والمروءة، فأضواء الجنازة، وأصداء الحزن والاعتزاز، كانت دليلًا على أن دماء الشهداء لا تذهب سدى، بل تكتب تاريخًا جديدًا لوطن يستحق الحياة.
يا محمد، قم، وانظر إلى مشهد جنازتك والى المشيعين حولك، الكل حزين، لكن قلوبهم مليئة بالفخر والاعتزاز بك، فوجوههم تعكس مزيجًا من الألم والكرامة، فلا يمكن لأحد النسيان بأن رحيلك ليس مجرد فقدان لشخص عزيز، بل هو فقدان لجندي، وضابط مخلص لوطنه ومؤسسته التي اقسم على أن يمثلها خير تمثيل في كل مهمة، أو دعوه لتلبيه الواجب، في كل الظروف، لقد غاادرنا جسدك ايها البطل الوفي، لكن روحك لا تزال تحلق في سماء فلسطين، تضيء لنا الطريق الذي كنت تسير فيه بإخلاص وتفانٍ.
يا محمد، إن فراقك كان مريرًا على كل من عرفك، فالناس من حولك من زملائك ،وأهلك، وأهل بلدتك، وأصدقائك، حتى أولئك الذين لم يعرفوك عن قرب، فجميعهم يشعرون بالغضب والحزن على هذا العمل المشين الذي أودى بحياتك، على أيدي من سولت لهم أنفسهم قتل أخيهم،وابن وطنهم، إنهم إرهابيو العقول، وغريبو الطبع ، والطباع إنهم الفوضويون، الذين يسعون إلى هدم ما بنيته بعرق جبينك وجبين زملائك.
قم يا محمد وانظر مرة أخرى إلى من حولك، فستجد حولك قائد الشرطة الفلسطينيه، الذي يحييك الآن ويقول لك:
"نحن نعلم أنك بطل، صاحب انتماء"، كنا نتمنى أن نقول لك "شكرًا"، وأنت تسمعها في حياتك، لكنك الآن تسمعها بين الشهداء، نعم، لأن الشهداء أحياء، يسمعون ويتحدثون، ويوصون بالحفاظ على الأمانة، انها أمانة الوطن، فيا محمد، قم وشاهد كيف يودعك اليوم قائد الشرطة ، بأداء التحية الأخيرة، فهو يعدك ويعد كل من سبقك من الشهداء وباسمنا جميعا بأن نكون ألأوفياء لهذا الوطن الذي أحببته وضحيت بدمك الطاهر من أجله.
رسالتك يا محمد ستبقى خالدة، لأنها رسالة حب وانتماء وولاء لهذا الوطن، فأنت لم تكن مجرد ضابط، بل كنت رمزًا للإنسانية والشجاعة، لقد جسدت أسمى القيم في الدفاع عن أمننا وكرامتنا، فزملاؤك الذين كانوا يشهدون تضحياتك يعرفون جيدًا أنك كنت أكثر من مجرد ضابط وجندي مخلص، بل كنت رمزًا لكل من يعمل من أجل فلسطين.
اليوم، يا محمد، أهلك وأحباؤك يتمنون لك الراحة والسلام، فهم يعلمون أن الله قد استقبلك بين صفوف الشهداء، مع من سبقوك من أهلك ومن الشهداء العظماء، ستظل ذكراك محفورة في قلوبهم وقلوبنا جميعًا.
ايها الشهيد البطل: كل من عرفك، حزين اليوم، لكنه حزن ممزوج بفخر، كيف لا وقد سطرت تاريخ الوطن بدمائك الطاهرة؟! وها أنت خالد بيننا كما نور الشهداء وضياء الشمس وسنظل نحن أوفياء لتلك الرسالة التي حملتها في حياتك، والتي لا تزال تحملها في مماتك.
وداعًا محمد، فارس فلسطين، وشهيدها البطل.