التاريخ: 2024-10-01 09:07:41

كتب العقيد علي العملة
مدير دائرة التوجيه السياسي والمعنوي

في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني، يأتي يوم رفع العلم الفلسطيني كمناسبة وطنية تعبر عن وحدة الشعب الفلسطيني وإرادته القوية. هذا اليوم، الذي نحتفل فيه برفع العلم الفلسطيني، يعد رمزًا للصمود والعزة والكرامة الوطنية، ويجسد روح النضال التي رافقت شعبنا على مر العصور. كما أن رمزية العلم تتجاوز كونه مجرد راية ترفرف فوق المباني والمقرات، فهو يحمل في طياته تاريخًا طويلًا من الكفاح والأمل، ويعكس قوة الإرادة والتضحية التي لا يزال الشعب الفلسطيني يقدمها يوميًا في سبيل حريته واستقلاله.

في الثلاثين من سبتمبر من العام 2015، شهد العالم لحظة تاريخية وذلك عندما رفع العلم الفلسطيني أمام مقر الأمم المتحدة في نيويورك للمرة الأولى وأصبح منذ ذلك الوقت حدثًا تاريخيًا وعلامة فارقة في تاريخ النضال الفلسطيني. فقد حظيت فلسطين باعتراف دولي إضافي بالهوية والحقوق الفلسطينية، وهو ما يمثل رسالة قوية من المجتمع الدولي بضرورة تحقيق العدالة لهذا الشعب الذي قدم الغالي والنفيس في سبيل نيل حريته واستقلاله. تلك اللحظة أثارت مشاعر  أبناء شعبنا داخل الوطن وخارجه بالفخر والاعتزاز بهذا العلم العزيز على قلوبهم، وأعطت دفعة قوية للجهود المستمرة نحو إنهاء الاحتلال وتحقيق الاستقلال.

العلم الفلسطيني بألوانه الأربعة: الأسود والأبيض والأخضر والأحمر، يمثل وحدة الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده، فلكل لون من ألوانه رمزية تاريخية ووطنية. الألوان المكونة للعلم الفلسطيني مستمدة من رايات قديمة تمثل حقبًا مختلفة من التاريخ العربي والإسلامي، وهي تعبر عن تاريخ النضال والأمل الفلسطيني الذي يتجسد في كل مرة يُرفع فيها العلم، سواء داخل فلسطين أو في الشتات، لأنه يرمز إلى وحدة المصير لأبناء الشعب الفلسطيني بأسره. كما أنه يجدد الالتزام بالقضية الوطنية بغض النظر عن التحديات والصعوبات التي يواجهها شعبنا.

في هذا اليوم، يقوم أبناء الشعب الفلسطيني برفع علم فلسطين في كل مدينة وقرية وشارع، وفي كل مؤسسة، تعبيرًا منهم عن الفرحة العارمة بهذه المناسبة الوطنية الغالية على قلوبهم، مؤكدين أنهم ماضون نحو تحقيق أمنية القائد الرمز ياسر عرفات، الذي كان يتمنى أن يأتي اليوم الذي يشاهد فيه شبل من أشبال فلسطين وزهرة من زهرات فلسطين يرفعان العلم الفلسطيني فوق مآذن القدس وكنائسها. في هذا اليوم، نتوجه بالدعوة إلى أبناء شعبنا للاحتفال بهذه المناسبة الغالية على قلوبنا، رغم ما نعانيه من ألم جراء ما يحدث في غزة والضفة من قتل وتشريد ودمار، وفاءً لأرواح من بذلوا الغالي والنفيس من أجل أن يرفرف العلم الفلسطيني في كل محفل دولي، وفي كل بيت وشارع ومؤسسة في فلسطين الأرض والإنسان. فواجبنا الوطني يحتم علينا أن يقوم كل فلسطيني وفلسطينية، صغيرًا وكبيرًا، بتزيين هذا العلم في القلوب والوجدان وفاءً لكل قطرة دم سالت، وكانت حريصة على أن يبقى العلم الفلسطيني شامخًا يعانق عنان السماء. فليزين كل أبناء شعبنا علمهم في قلوبهم بألوانه الأربعة، وليرفعوه فوق المآذن والكنائس والمباني الحكومية والمؤسسات التعليمية والمنازل، كتعبير واضح عن ارتباط الشعب بهذا الرمز الوطني.

إن رفع العلم يبعث برسالة قوية للعالم، بأن الفلسطينيين رغم كل ما يمرون به من ظروف قاسية ومعاناة، لا يزالون متمسكين بهويتهم ووحدتهم الوطنية، وأنهم سيواصلون نضالهم حتى يتمكنوا من تحقيق أهدافهم في الحرية والاستقلال.

لنتذكر تلك اللحظة التي شاهدنا فيها العلم الفلسطيني يُرفع أمام مقر الأمم المتحدة في نيويورك، وكيف استقبل الفلسطينيون المشهد. لنتذكر دموع الفرح والاعتزاز التي غمرت كل منا، حقًا كانت لحظة تاريخية، ورمزية تعبر عن حضور فلسطين على الساحة الدولية، وجعلت كل شريف في هذا العالم يشعر بأن هذا الشعب يستحق أن يُسمع صوته والاعتراف بحقوقه. حقًا كانت هذه اللحظة بمثابة إثبات واضح أن القضية الفلسطينية ليست مجرد مسألة إقليمية، بل هي قضية حق جازم ومطلق تتعلق بالعدالة والكرامة وحقوق الإنسان.

إن رفع العلم أمام الأمم المتحدة يُعد اعترافًا رمزيًا لكنه مهم جدًا، حيث أن وجوده إلى جانب أعلام الدول الأخرى يعزز من مكانة فلسطين كدولة تطمح للسيادة الكاملة وتطالب بحقوقها المعترف بها دوليًا. كانت تلك خطوة في مسار طويل، فالطريق نحو تحقيق الدولة الفلسطينية المستقلة مليء بالتحديات، ولكن منحتنا تلك اللحظات دفعة قوية نحو مزيد من الأمل والقوة للاستمرار.

إن رفع العلم الفلسطيني يعكس مدى التفاف الشعب حول قضيته العادلة، تحت رمزية واحدة ثابتة مع الثوابت. فالعلم يمثل وحدة المصير ويجمع بين  الفئات والأطياف السياسية والاجتماعية كافة في المجتمع الفلسطيني، ورغم اختلاف التوجهات والأيديولوجيات، يظل العلم الفلسطيني رمزًا يوحد الجميع تحت رايته، وهذا ما يجعله رمزًا للسلام والأمل في بناء دولة فلسطينية مستقلة تعيش بسلام، وهي أبسط الحقوق التي يجب أن يحظى بها كل شعب من شعوب العالم.

في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، تأتي هذه المناسبات الوطنية لتعيد التأكيد على أهمية الوحدة، وتذكرنا كفلسطينيين من مختلف الأطياف والفئات والأحزاب بأهمية تجاوز الخلافات والتحديات الداخلية والعمل معًا من أجل هدف أسمى، وهو تحقيق الحرية والاستقلال. لأن علمنا الفلسطيني بألوانه الأربعة الواحدة الموحدة هو الذي يجمعنا ويجسد هذا الطموح، ويذكر كل فلسطيني بأن قوته تكمن في اتحاده 

إن رفع العلم الفلسطيني لا يقتصر على داخل الوطن، بل المطلوب من كل فلسطيني وفلسطينية، أفرادًا ومؤسسات، في داخل الوطن وفي الشتات وفي كل بقعة في العالم، أن يقوموا في آن واحد برفع علمهم، لأن ذلك يحمل معنى عميقًا ورسالة واحدة بأن العلم الفلسطيني يجمع الفلسطينيين أينما وجدوا؛ لأنه يربطهم بوطنهم الأم ويعبر عن انتمائهم وهويتهم التي لا يمكن محوها بأي شكل من الأشكال رغم البعد الجغرافي والسنوات الطويلة من اللجوء.

عندما يُرفع العلم الفلسطيني في كل يوم وفي كل لحظة، وفي المناسبات الوطنية، فهو يمثل فعلًا تزداد من خلاله مشاعر الأمل لدى أبناء شعبنا في مستقبل أفضل تتحقق فيه أحلامهم بدولة مستقلة عاصمتها القدس، لأن العلم يمثل تطلعًا لمستقبل يتم فيه إنهاء الاحتلال ويتحقق فيه السلام العادل والدائم. لهذا، يجب أن يكون هذا اليوم حافزًا لنا جميعًا للعمل من أجل تعزيز الوحدة الوطنية والالتزام بقيم العدالة والكرامة والحرية.