التاريخ: 2022-07-13 17:50:06
عبث
كتب الناطق الإعلامي باسم الشرطة العقيد لؤي ارزيقات .
رام الله - المديرية العامة - مشاهد تُدمي القلوب وتقشعر منها الأبدان ... شبان تلفظ أنفاسها الأخيرة وأجساد تستسلم للموت وتسلم أرواحها لبارئها وتصعد للسماء راسمة ألم الموت وهدوء التسلل .. جثث تطايرت وتناثرت أطرافها التي بُترت من صعوبة الضربات والصدمات التي تلقتها ... ودماء تسيل كنهر جار .. ورائحة الموت تملأ المكان يشتمُها من حضر ومن يحضر بعد صعود الأرواح للسماء .. والحياة تنتهي في رهبة الموت والموقف العظيم لشبان في ريعان شبابهم في لحظات تفصل الحياة عن الموت وحياة الدنيا عن الحياة الأبدية .. لحظات تبكي فيها الرجال من هول المشهد بعد حادث سير مؤلم فيه الموت والضحايا والمصابين والحطام .
يتجمع الناس بسرعة للمساعدة في إنقاذ المصابين ونقل الضحايا والكل ينشغل في ذلك وفجأة يظهر أحدهم وينزل من مركبته يحمل هاتفه ويبدأ بالتصوير وليس للتعليل وإنما لتحقيق هدف شخصي لا يصور من بعيد بل ويتلذذ في تصوير المشهد المؤلم متخليُا عن أدنى معاني الإنسانية ودون مراعاة أحاسيس ومشاعر المشاهدين والمتابعين ودون الإكتراث لخصوصية المتوفين والجرحى بل ويتلصص للوصول لوجوههم أكثر فأكثر لينقلها عبر صفحته بهدف جمع الإعجابات وزيادة عدد المشاهدين متجاوزاً لحدود الأدب والأخلاق والدين والثقافة وعادات وتقاليد المجتمع والتي إلتزم فيها عامة الناس أدبيًا بضرورة المحافظة على خصوصيات الناس مصمماً على أن يبقى حبيس أنانيته وجشعه وحب الذات في تحقيق أهدافه الشخصية للترويج لصفحته ونفسه فقط دون الإتعاظ أو مراعاة رهبة الموت وخفقات القلوب و وجعها وألم الجسد وإنتهاء الأجل .
يعجز عن تقديم المساعدة وإنقاذ الأرواح ويرفض طلب الإسعاف لإنشغاله بالتصوير ويطلب من الآخرين الإتصال في موقف تخلى فيه عن كل معاني الإنسانية .
أي قلب يملكه هذا الشخص الذي كسر قلوب الأمهات وقلوب الآباء والأشقاء.
أي ضمير له لم يعاتبه ولم يجبره على الإبتعاد عن هذا الفعل الشنيع .
أي عقل يمتلكه ويسيره في هذا المسار وأي تفكير يسيطر عليه.
كم هو الحزن الأبدي الذي رسمته على وجوه ذويهم والناس وكم هي الدموع التي سيذرفها ذويهم "أمهاتهم وآبائهم وزوجاتهم وإخوتهم وأبنائهم " كلما شاهدوا هذا الفيديو المؤلم .
كم هو الألم الذي تسببت به لهم و الذي سيتألمه كل من يشاهده من أطفال و نساء و رجال و شيوخ عندما يشاهدون جثثاً لطختها الدماء و مركبات محطمة وكأنها قصفت بالصواريخ.
وقع كلماتك في صدور وأنفس الناس وأنت تصف النبضات والأنفاس الأخيرة وخروج الروح من الجسد وعلى الهواء مباشرة.
ألم تعلم بأن أمهاتهم سيفقن من النوم وسيصدمن عندما يرين ما صورته ونشرته .
ستطاردك آهات وعذابات أماهتهم وذويهم وستطاردك أرواح المتوفين كلما بكى العالمين على هذه المشاهد الأليمة.
سيرفضك الناس ولن تصل لمبتغاك وهدفك بتحقيق الإعجابات والمتابعات.
ليتك لم تفعل ليت ضميرك عاد للحياة وفاق من نومة وسباته العميق .
لماذا تتلذذ في تصوير الموت والدماء والجرحى والحطام والأطراف المتطايرة هنا وهناك وعلى أطراف الطرقات وخروج الروح من الجسد والآلام وعذابات المصابين.
وتنعم في تصوير خروج الروح من الجسد دون مراعاة لرهبة الموت والموقف .
وتترغد في وصف المشهد المرعب بل وتركز في إظهار المشاهد الأكثر إيلاماً لتثخن في الوجع والألم وتتخلى عن إنسانيتك في الوقت الذي يحتاج لذلك الآخرين.
تُميت ضميرك في الوقت الذي يجب أن يكون حيًا بكل معاني الحياة .
يتعطل تفكيرك ودماغك في الوقت الذي يجب أن يعمل بكل خلاياه .
تصبح طبيبًا بلا شهادةٍ ومسعفًا بلا إسعاف وصحافيًا بلا علم بأدبيات أخلاق مهنة صاحبة الجلالة وتصدر الأوامر دون أن تطبق شيئًا منها لتتحول لمعطل ومعيق للإنقاذ وتتحمل مسؤولية وفات المصابين وتؤخرالإسعاف لتبقى خطاياهم في عنقك إلى يوم يبعثون وحسبي الله ونعم الوكيل.