التاريخ: 2020-03-09 12:13:39
الحياة مع الله
يتقلّب أمر الإنسان في الحياة الدنيا بين السرّاء والضرّاء، وهو في هذه الظروف يعلم أنّ مصدر السعادة والطمأنينة هو القرب من ربّه عزّ وجلّ، فالقرب من الله -سبحانه وتعالى- يهوّن على الإنسان مصاعب الحياة ومشاقِّها، ويُشعره بالسّكينة فربّه -عزّ وجلّ- هو الذي يرعى أموره، وهو المدبّر لتفاصيل حياته، فإذا استشعر المسلم هذا القرب فإنّه يشكر ربّه على السرّاء، ويصبر كذلك على الضرّاء، ويعلم أنّ له الأجر هلى ذلك، وهذه المعاني تحدّث عنها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، حيث قال: (عجباً لأمرِ المؤمنِ، إنّ أمرَه كلَّه خيرٌ، وليس ذاك لأحدٍ إلّا للمؤمنِ، إن أصابته سرّاءُ شكرَ، فكان خيراً له، وإن أصابته ضراءُ صبر، فكان خيراً له).
كيفيّة التقرّب إلى الله
إذا أراد المسلم أن يتقرّب من الله -سبحانه وتعالى- فلا شكّ أنّ أهمّ ما يُوصله إلى ذلك هو الأعمال الصالحة التي افترضها الله -تعالى- عليه، فقد جاء في الحديث القدسيّ: (وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ ممَّا افترضتُ عليه، وما يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أُحبَّه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يسمَعُ به، وبصرَه الذي يُبصِرُ به، ويدَه التي يبطِشُ بها، ورِجلَه التي يمشي بها، وإن سألني لأُعطينَّه، ولئن استعاذني لأُعيذنَّه)،فالحديث الشريف بيّن الأعمال الصالحة التي تقرّب من الله سبحانه وتعالى، وهي: الفرائض، والنّوافل.
الفرائض والواجبات
جعل الله -سبحانه وتعالى- الفرائض هي أوّل ما يُوصل ويقرّب إليه، والفرائض كثيرة ومتعددة، ويجب على المسلم أن يؤديها ليشعر بالقرب من الله تعالى، وبيان ذلك على النحو الآتي:
وبعد الفرائض تأتي الواجبات التي يرى جمهور العلماء أنّه لا فرق بينها وبين الفرائض، من حيث وجوب إتيانها، وتحريم تركها،ومثال الواجبات في الشّريعة الإسلاميّة ما يأتي:
النّوافل
ورد في الحديث القدسيّ أنّ النّوافل تقرّب إلى الله تعالى، ومنها ما يأتي:
الله القريب
وصف الله -سبحانه وتعالى- نفسه في القرآن الكريم بأنّه قريب، وفي هذا طمأنينة للمسلم، فالمسلم إن أراد التقرّب من الله تعالى، واجتهد في إتيان ما يرضي الله تعالى، وترك نواهيه، فقد وعده الله -تعالى- باستجابة دعائه، وتحقيق رغباته، حيث قال:(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)،وقال أيضاً:(فَاستَغفِروهُ ثُمَّ توبوا إِلَيهِ إِنَّ رَبّي قَريبٌ مُجيبٌ)، فالله -سبحانه وتعالى- قريب من التائبين، ويجيب دعاءهم، ويُذيقهم حلاوة القرب منه، فقد جاء في صحيح مسلم: (إنَّ اللهَ يُمْهِلُ، حتى إذا ذهب ثلثُ الليلِ نزل إلى السماءِ الدنيا، فيقول: هل من مستغفرٍ، هل من تائبٍ، هل من سائلٍ، هل من داعٍ، حتى ينفجِرَ الفجرُ)،فالله -سبحانه وتعالى- ينتظر من عباده أن يتقرّبوا منه بالاستغفار، والسؤال ليجيبهم، ويعطيهموقال الله -عزّ وجلّ- في الحديث القدسيّ: (ومن تقرَّبَ منِّي شبراً، تقرَّبتُ منه ذراعاً، ومن تقرَّبَ منِّي ذراعاً، تقرَّبتُ منه باعاً، ومن أتاني يمشي، أتيتُهُ هرولةً)، فالحديث يدلّ على أنّ الله -سبحانه وتعالى- قريبٌ من عبده، إذا كان العبد معه، مقبلاً عليه، فالله -سبحانه وتعالى- يرى العبد ويعلم حاله، ولا يخفى عليه شيء من أمور عباده، وهو كذلك يشجّع عباده على الإقبال من الله تعالى، فمهما كانت درجة القرب من الله -تعالى- قليلة، إلّا أنّ الله -تعالى- يتقرّب من العبد أضعاف تقرّب العبد منه.
آثار معرفة اسم الله القريب
إذا استشعر المسلم معنى اسم الله القريب، فسيظهر ذلك على أفعال العبد وتصرّفاته، ومن آثار معرفة اسم الله القريب ما يأتي:
أعمال تُبعد عن الله
إذا كان المسلم يبحث عن الأمور التي تقرّبه من الله -تعالى- ليفعلها، فيجب عليه أن يجتنب الأفعال التي تبعده عن الله تعالى، فقد قال حذيفة بن اليمان: (كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْأَلُونَهُ عَنْ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مخافةَ أن يُدركَني)، فإذا كانت الفرائض والطاعات تقرّب من الله تعالى، فلا شكّ أنّ المعاصي تُبعد عنه، وتُلهي القلب والعقل، وإنّ ممّا يُبعد عن الله تعالى: