التاريخ: 2016-12-18 08:24:00

في الثامن عشر من شهر ديسمبر من كل عام ، تحتفل الامانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب بكل فخر واعتزاز بيوم الشرطة العربية الذي يخلد حدثا عظيما في مسيرة العمل الامني العربي المشترك هو انعقاد اول مؤتمر لقادة الشرطة والامن العرب بمدينة العين بدولة الامارات العربية المتحدة عام 1972 ، والذي يشكل فرصة لتقدير التضحيات الجسيمة التي يقدمها رجال الشرطة والامن والجهود المضنية التي تبذلها الاجهزة الامنية في سبيل امن مواطنينا واستقرار اوطاننا ومحاربة قوى الشر والاجرام لتعم السكينة في مجتمعاتنا العربية كافة .



وياتي الاحتفال بيوم الشرطة العربية لهذا العام ، وبعض دولنا العربية ما تزال في معركة مستمرة ضد القوى الارهاب والتطرف المقيت والطائفية البغيضة التى تسعى جاهدة للنخر في جسد مجتماعاتنا والنيل من وحدتها بعد ان عاشت قرونا طويلة من الانسجام والتعايش السلمي رغم تعدد الديانات السماوية واختلاف المذاهب العقائدية وتنوع الملل والنحل وتعدد الاعراق والاجناس.



تحل علينا هذه الذكرى ومنطقتنا العربية تشهد تفاقما في الاعمال الارهابية وتزايدا في نشاطات الجماعات المتطرفة الموجهة ضد رجال الامن والشرطة البواسل حماة الوطن ، ضد المدنيين الذي ليس لهم ذنب الا انهم تواجدوا في اماكن عيشهم ومحل اعمالهم ، لتزهق ارواحهم  الطاهرة عبثا امام قوى الشر والارهاب التي جعلت منهم حطبا لحربها الشعواء ضد مقدرات الشعوب والاوطان، غير ابهة بمبادى الاسلام وسائر الديانات السماوية السمحة الغراء والمواثيق والاعراف الانسانية التي تجرم افعالها الارهابية المقيتة وتدعو للتعايش والتالف والتسامح والاعتدال والوسطية .

 

ولئن كان خطاب التطرف المقيت والطائفية البغيضة هو المغذي الرئيس لعصابات الارهاب والاجرام المنظم ، فانه ليس التهديد الوحيد في المشهد الامني العربي اليوم ، فالاحداث التي نراها في بعض دولنا العربية تؤكد وجود مخطط اقليمي لضرب اواصر الاخوة والمحبة واللحمة بين شعوبنا ، وزعزعة الامن والاستقرار في اوطاننا ، وشرخ وحدة وترابط مجتماعتنا وتعطيل عجلة التنمية على كافة الاصعدة وما العصابات الارهابية التي تتخد من الخطاب الطائفي المتطرف البغيض عنوانا لاعمالها الارهابية الا وسيلة رخيصة لتحقيق تلك الاهداف الدنيئة .

 

وقد حرص مجلس وزراء الداخلية العرب الذي كان له السبق في التحذير من ظاهرة الارهاب والاخطار الكبيرة التي تشكلها انطلاقا من مسؤوليته تجاه امن مجتمعاتنا العربية ، على حشد كل الطاقات وتوحيد جهود كافة الجهات الرسمية والاهلية ومؤسسات  المجتمع المدني نحو مواجهة فعالة لهذه الافة ، وتحقيقا لذلك اعلن المجلس بناء على توصية من قادة الشرطة والامن العرب عام 2016 ، سنة عربية لمواجهة الارهاب ، لتكون بذلك مناسبة لتعزيز برامج التوعية لتحصين الشباب من السقوط ضحية للتنظيمات الارهابية ، والقضاء على العوامل التي تغذي الارهاب بما في ذلك تجفيف منابعة الفكرية المرتكزة على العنف والتطرف والغلو الى جانب المكافحة العملية من خلال الحد من انتقال المقاتلين الى بؤر الصراع والتوتر ، وتجفيف مصادر تمويل التنظيمات الارهابية ، والعمل على تعزيز التعاون العربي _ الدولي وزيادة التنسيق بين مختلف الاجهزة الامنية على المستوى العربي والدولي للحد من هذه الافة.

 

لذا، فانه يتحتم علينا اكثر من اي وقت مضى بذل جهود مضاعفة لمحاربة الارهاب والجريمة وتحقيق الامن والاستقرار ، والوقوف صفا واحدا امام خطاب الكراهية والطائفية والتطرف ، والعمل على توعية المجتمع بكل فئاته ومكوناته بالمخاطر الامنية المحدقة به ، وهي مسؤولية يتقاسمها الجميع من مسؤولي اجهزة الامن ورجال الشرطة ، الذين لا يالون جهدا في بذل الغالي والنفيس للقيام بواجبهم المقدس واداء رسالتهم النبيلة ، ويبقى دور المواطن هو الدور المحوري والفاعل في التعاون مع رجال الامن والشرطة والتواصل المستمر مع الاجهزة الامنية التي تعد العين الساهرة لحماية وطنه ولامنه واستقراره.

 

ويحدونا الامل في ان يدرك ابناؤنا وشبابنا مخاطر الفكر الضال الذي يستهدف فطرتهم السليمة وفكرهم السوي اكثر من اي فئة اخرى في المجتمع ، فعصابات الارهاب والجريمة ما فتئت تستغل حماسهم الشديد واندفاعهم القوي نحو مستقبل لتحقيق ماربها الظلامية ، مستفيدة من التطور التكنولوجي خاصة في مجال الاتصالات والانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي في بث سمومها واصطياد ضحاياها ، ونحن على ثقة من قدرة ابنائنا وشبابنا على مواجهة هذا الفكر الضال بفكر نير سوي يبدد حججة الواهية ويفضح افعاله الاجرامية الشنيعة ، والمشاركة الناجعة في الحفاظ على امن المجتمع والاسهام الفاعل في نهضة الوطن وتطوره وازدهاره.