التاريخ: 2012-05-05 05:50:11

بقلم النقيب إياد دراغمة تشارك الشرطة الفلسطينية في كل عام ، وكما هو الحال بالنسبة لمختلف الدول العربية الشقيقة ، بأسبوع المرور العربي والذي يمتد من الرابع و حتى العاشر من ايار ، وتأتي المشاركة هذا العام تحت شعار (الى متى ..) ، وهذا سؤال كان يجب ان يطرح منذ زمن طويل ، بعد كل هذا الكم الهائل من الحوادث والقتل و الاصابات وحالات الشلل والعجز الكلي او النسبي الذي خلفته الحوادث المفزعة ، اضافة الى القضايا الاجتماعية و النفسية التي نتجت و ما زالت بازدياد. وإذا تحدثنا بلغة الارقام ، فحوادث السير التي وقعت خلال العام الماضي 2011 في الاراضي الفلسطينية كبيرة ، حيث بلغ عدد الحوادث 7406 حادثا ، في حين وصل عدد الوفيات الى 115 شخصا مابين السائقين ومستخدمي الطريق والركاب أطفالا و نساء وشبانا وشيوخا ، إضافة إلى 7855 إصابة مابين خطيرة و متوسطة وطفيفة ، ناهيك عن الأضرار المادية الجسيمة التي لحقت بالاقتصاد الفلسطيني بشكل عام . وفي البداية ، فان دور شرطة المرور اساسي ومركزي سواء في التنسيق لفعاليات هذا الاسبوع ، او حتى في بناء الاستراتيجيات للتعامل مع العملية المرورية برمتها ، كما يجب ان نخطط لمستقبلنا و يجب ان يكون التخطيط مستمرا حتى تتحقق الاهداف ، ولا بد لنا وبناء على المعطيات الموجودة على الارض التنبؤ بالمشاكل قبل وقوعها ، وتحديد الحلول الفعالة بما يتناسب مع المصادر و الامكانيات المتوفرة لدينا في الشرطة . وهذا كله يساعدنا على معرفة اين نحن الآن ، وماذا نريد في المستقبل ، و الى اين نتجه ؟ وكيف ننسق اعمالنا للوصول الى النتائج المرجوة ، وبالتالي تخفيض سلبيات العملية المرورية و ما يرافقها من خسائر بشرية و مادية كما اسلفنا سابقا . شرطة المرور و بالتأكيد قدمت الكثير ، اضافة الى الشركاء الدائمين و الداعمين ، سواء في وزارة النقل و المواصلات او في المجلس الاعلى للمرور ، ولدينا قانون مرور عصري ، وهي تنفذ العديد من المشاريع و البرامج التي تهدف لنشر الوعي المروري و الحد او القضاء في بعض الاحيان من المخاطر وبالتالي من حوادث السير ، وأطلقت الشرطة شراكات استراتيجية مع مؤسسات عامة وخاصة في سبيل الهدف نفسه . فشرطة المرور أدركت أولا مدى أهمية التوعية الإعلامية ، ونفذتها وبالتعاون الدائم مع ادارة العلاقات العامة و الاعلام في الشرطة عبر العديد من المبادرات وعلى وجه الخصوص مع الشريك الاول للشرطة وهي وزارة التربية والتعليم  ، و أطلقت العديد من  الحملات المرورية ومنها حملة "مدارس بلا حوادث " والتي تأتي في إطار برنامج الحماية والوقاية من الحوادث المرورية . و هذه الحملة هدفت لحماية طلاب المدارس الحكومية والخاصة ورياض الأطفال من خطر الحوادث ، وخاصة في فترة الصباح مع توجه الطلاب إلى المدارس وازدحام الطرق بالمركبات والموظفين المتوجهين لأعمالهم ، والتأكد من التزام مستخدمي الطريق من سائقين ومشاة بخطوط المشاة الموجودة أمام جميع المدارس. و قد أثبتت هذه الإجراءات التي تنفذها شرطة المرور نجاعتها ،حيث  لم يتم تسجيل أي حادث سير في محيط المدارس في العام الماضي ، وذلك لانتشار دوريات الشرطة وضباط وأفراد المرور في كل الأماكن ، اضافة الى ان حملات التوعية المرورية والنشاط الذي يقوم به خبراء السير في تدريب وتأهيل الطلبة لها دور كبير في الحد من الحوادث . وبمشاركة فاعلة من أسرة التربية والتعليم استطعنا النهوض بمستوى الوعي الأمني والشرطي في عدد كبير من المدارس ، وما زالت الشرطة ماضية في برامجها والتي تهدف أساسا لتقديم الخدمة لكافة شرائح المجتمع ومنها الشريحة الأهم وهم الطلاب والأطفال ، وحتى يعودوا إلى بيوتهم في أمان بعيداً عن الفوضى والاستهتار بحياتهم من قبل بعض السائقين ، وهذه دعوة للسائقين للالتزام بقوانين المرور ، والتمهل عند الاقتراب من المدارس ، واحترام خطوط المشاة والإشارات الضوئية . و أيضا ، و تطبيقاً ً للخطة السنوية ، والتي وضعتها جميع مديريات الشرطة لإدارة موسم الرحلات المدرسية و بالشراكة مع كافة المؤسسات في المحافظات ، فقد كثفت دوريات المرور من نشاطها للتأكد من الاستعدادات و آليات التنسيق مع انطلاق الرحلات المدرسية خلال هذا الموسم  ، و انتشرت الوحدات الشرطية في جميع الأماكن والشوارع التي تشهد ازدحاما مروريا أو كثافة في أعداد الطلاب و الطالبات من مختلف المراحل العمرية . أما النقطة المركزية الاخرى والتي عملت عليها شرطة المرور وبكثافة فهي التأكد من سلامة الحافلات التي تقل الاطفال سواء الى المدارس او رياض الأطفال ، وبعد فاجعة جبع والتي راح ضحيتها العديد من ابنائنا ، لا يكاد يمضي يوم الا ونقرأ او نسمع ان الشرطة اوقفت حافلة تقل اطفالا اضعاف حمولتها المسموح بها قانونا ، وفي كل محافظات الوطن بدون استثناء ، فالى متى هذا الاستهتار بحياة اطفالنا ، وهنا المسؤولية جماعية ، فهي تبدأ من الاسرة ثم المؤسسة التعليمية وصولا الى دور الشرطة ، والآن بدأنا نشهد تحسنا في مجال التعاون للحد من هذه الظاهرة ، ولكن يجب ان نستمر في العمل حتى القضاء عليها نهائيا ،   وهناك ضرورة لتعاون الاهالي مع الشرطة ، والإبلاغ عن أية خروقات يقوم بها السائقين، وذلك للتأكد من سلامة أطفالهم ، وعدم العبث بحياة أطفالهم وتعريضهم للخطر عندما يسمحوا لأنفسهم بالركوب بشكل مخالف للقانون . ومن الأسباب الرئيسية التي ادت الى وقوع العدد الكبير من الحوادث ، اضافة للسرعة الزائدة وعدم الانتباه والحذر اثناء القيادة هو استخدام الهاتف المحمول أو النقال أثناء القيادة  ، فتقارير الشرطة تفيد أن جزء كبير من الحوادث يعود لعدم الانتباه والتشتت أثناء القيادة ، وسواء وقعت هذه الحوادث في المناطق الخاضعة للسلطة الوطنية  ، أو تلك المناطق التي لا تستطيع الشرطة الوصول إليها بسبب التقسيمات و التعقيدات التي يفرضها الاحتلال على تنقل الشرطة . إن استخدام الهاتف أثناء القيادة بالفعل هو مسبب لحوادث السير في بلادنا ، فإذا ما استخدم السائق هاتفه تشتت انتباهه فورا ، وعليه يخف تركيزه عما يدور حوله ، وسواء كان داخل المدن و القرى أو خارجها ، فيقع الحادث فجأة ، وهذا ما نسمعه من السائقين دائما بأنهم تفاجئوا بالحادث   . وهنا نعطي المثال التالي لنوضح وحسب الدراسات دور الهاتف النقال كمسبب رئيسي في وقوع الحوادث ، فإذا كان سائق يسير بمركبته بسرعة 100 كيلو متر  في الساعة خارج المدينة ، فهذا يعني انه يقطع 27 متر بالثانية الواحدة ، فإذا تشتت انتباهه لثانيتين ، فانه سيسير مسافة 54 متر دون أن يكون منتبها ، ومعروف أن الإنسان هو العنصر العاقل في العملية المرورية ، وإذا تشتت تفكيره فمعنى ذلك أن المركبة الجماد أصبحت تسير لوحدها مسافة 54 متر ، وتصوروا عندها ماذا يحصل ؟؟ " . و في النهاية ، نضيف الى السؤال الذي حمل شعار هذا العام "الى متى" ، اسئلة أخرى مهمة ، الى اين نحن ذاهبون مع ازدياد اعداد السيارات في الشارع وخاصة الحديثة منها و السريعة ؟ وكيف سنتصرف اذا ما استمر مسلسل الدمار في شوارعنا وكيف سنشرك الجميع في استراتيجيتنا وخططنا ؟ وماذا سنفعل مع المستهترين بالأنظمة المرورية ؟ ومن يتحمل المسؤولية ؟؟ .
س