التاريخ: 2010-06-23 08:28:15

ثار البيان الذي صدر عن إمام المسجد الحرام بمكة المكرمة عادل بن سالم الكلباني حول تحليله الغناء والمعازف, موجة جديدة من الحراك الشرعي داخل المدرسة السلفية التقليدية في المملكة العربية السعودية.
والمعروف عن السلفية أنها تشدد في مسألة تحريم الغناء والمعازف واعتباره من الكبائر عبر الردود العلمية والنشرات الدعوية والكتيبات التي توزع بشكل كبير على عامة الناس.
وقال الكلباني إنه لا وجود لدليل من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يحرم الغناء والمعازف.
وقال أستاذ أصول الفقه بجامعة أم القرى بمكة المكرمة محمد السعيدي في تعليقه للجزيرة نت إن فتوى الكلباني تأتي من باب سوء العواقب والعجلة.
وأضاف أن الفتاوى تأتي كذلك من باب الإفساد في الدين وعدم الورع في التجرؤ على الفتوى. وأشار السعيدي في معرض حديثه إلى أن خصوم التيار الإسلامي "يستفيدون من هذه الفتوى كما استفادوا من غيرها في تمرير أجندتهم".
ونفى السعيدي أن تمثل "فتوى الكلباني" ظاهرة صحية في الحراك الشرعي السعودي، غير أنه استدرك قائلا "لن نستطيع إيقاف مثل هذه الفتاوى، ولكن يجب وضع عامة الناس في موقف ممانعة في تلقي مثل هذه الفتاوى من جهتين، أولاهما ألا تكون الفتوى مخالفة لجماهير أهل العلم، والثانية ألا تكون مخالفة لمقاصد الشريعة".
واجهة الجدل الشرعي

إباحة الكلباني للغناء تعيد الواجهة الشرعية و"السلفية تحديدا" في السعودية إلى جدل عام 2009، عندما صدر للفقيه والمحدث عبد الله الجديع -الذي يتمتع بحضور علمي كبير في صفوف السلفيين السعوديين- كتاب يحلل فيه الغناء والمعازف والذي لقي رواجا كبيرا في معرض الكتاب الدولي السابق في الرياض خاصة من جانب طلبة العلم الشرعي، كما لاقى نقدا من بعض الدوائر العلمية الشرعية.

جاء النقد في إصدار ضخم من القطع الكبير حمل عنوان "إتحاف القاري بالرد على مبيح الموسيقى والأغاني، رد علمي مؤصل على الجديع"، متهما الأخير بالانحرافات المنهجية في تأصيله العلمي فيما يتعلق بإباحة الغناء والموسيقى.

التباين الداخلي
بيان الكلباني أو فتواه المثيرة للجدل لم تكن لتمر دون أن يكون لموقف المؤسسة الدينية فيها رأي، فقد جاء الرد من القطب الأبرز والأقوى في هيكل المؤسسة الدينية والرئيس السابق لمجلس القضاء الأعلى صالح اللحيدان في محاضرة له قال فيها "على الشيخ عادل الكلباني أن يبقى في مسجده يؤم المصلين ويقرأ القرآن، ولا دخل له في مسائل الفتوى".

وتفتي المؤسسة الدينية من خلال رئيسها الحالي الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ منذ العام 1420هـ/1999م حول الغناء بالقول "من يقول ليس في القرآن الكريم نص على تحريم الغناء والموسيقى فهذا من جهله به، فإن الله تعالى قال (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين).
وقال أكثر المفسرين إن معنى (لهو الحديث) في الآية الغناء, وقال جماعة آخرون كل صوت من أصوات الملاهي فهو داخل في ذلك كالمزمار والربابة والعود والكمان وما أشبه ذلك, وهذا كله يصد عن سبيل الله ويسبب الضلال والإضلال. وجاء في المعنى أحاديث كثيرة كلها تدل على تحريم الغناء وآلات اللهو والطرب وأنها وسيلة إلى شرور كثيرة وعواقب وخيمة".
ويلاحظ أنه منذ تقلد العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز مقاليد السلطة في أغسطس/آب 2005 والخط الشرعي السعودي يمر بمرحلة انفتاح وخروج عدد من العلماء وطلبة العلم عن الخط الشرعي العام أو الرسمي، حيث شهدت المرحلة نوعا من الجدل والنقاش والطروحات في عدد من المسائل التي اصطدمت مع التيار الشرعي العام.