حريق واحد في خبرين

تاريخ النشر: 2010/12/05 - 09:12 صباحا
د. زياد أبوالهيجاء
لا تهمل النار ولا تمهل. تأكل بلا تمييز. شجرا وبشرا. فلسطينييين واسرائيليين. والنار في بيت جاري هي نار في بيتي.
تلك بديهيات انسانية أوفدت طواقم الدفاع المدني الفلسطينية الى كرمل حيفا لمواجهة الجحيم. ليس تسجيلا لموقف سياسي أو إعلامي ولا انتظارا لشكر نتنياهو وبيريز .
يوم الخميس 2-12-2010، نشرت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية ' وفا' خبرا جاء فيه، 'أعاقت قوات الاحتلال الإسرائيلي المتمركزة على حاجز عسكري قرية برطعة الشرقية جنوب جنين، مساء اليوم الخميس، سيارات الدفاع المدني التي كانت متوجهة لإخماد النيران التي التهمت عشرات الدونمات المزروعات بأشجار الزيتون واللوزيات'.
ويوم الجمعة 3-12-2010 نشرت 'وفا' خبرا جاء فيه، 'ساهمت أجهزة الدفاع المدني والإطفاء الفلسطينية، في عمليات إطفاء الحريق الهائل الذي اندلع أمس في غابات جبل الكرمل في حيفا'.
خبران فاضحان لحريق كشف انعدام أبسط القيم الانسانية لاحتلال يدعي الانتماء لقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، خبران أتيا على ما تبقى من قناع المتسابقين الإسرائيليين اليوم على توجيه كلمات الشكر للسلطة الوطنية، هذه السلطة التي تصرفت ازاء كارثة الحريق الاسرائيلية بمسؤولية انسانية وميدانية تليق حقا بدولة ديمقراطية حديثة، سلطة تنهب مياهها وأراضيها، وتعرقل القوات الإسرائيلية وصول طواقم دفاعها المدني لاخماد حريق في منطقة فلسطينية، ثم تسمح في اليوم التالي، ربما لذات الطواقم، بالوصول الى ' العمق الاسرائيلي ' ...للمساهمة في عمليات الاطفاء ..ربما سمحوا لها تحت ضغط الحاجة.. أو لتجميل الوجه الذي كشفت النيران المندلعة زيفه وضعفه، وبعد يوم واحد من منعها من انقاذ أشجار الزيتون.
فهل حريقهم جحيم يستحق المكافحة والغوث وحريقنا نعيم يستحق اطالة ساعاته تحت وطأة عرقلة وصول الدفاع المدني؟.
بالنسبة لنا، ننتمي لكل هذه الأشجار وتنتمي لنا، نحبها ونحب كل الأبرياء المهددين بألسنة الفاجعة، فلا نتلكأ في نجدة الشجر والبشر، بإمكانيات دولة قيد الانشاء . نتناسى خطيئتهم في خميسنا الملتهب في جنين، ونذهب لإخماد جمعتهم الملتهبة في كرمل حيفا .
وان كان الشوق والحنين الى كرملنا الحبيب فاض في صدور رجال دفاعنا المدني وهم يتجرعون دخان الغابات الممتزج برائحة الجذور. فان الوقت لم يكن صالحا لأي نوع من الحوار حول الحقوق التاريخية.
انه حريق واحد، وان جاء في خبرين يحملان الكثير من المفارقات والتناقضات. والكثير من الألم والأمل، حريق واحد في أرض واحدة كانت تسمى فلسطين، وصارت تسمى فلسطين، ورحم الله محمود درويش، ورحم الله صلاح الدين الأيوبي وطبيبه الذي أرسل ليعالج الخصم.

جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر الشرطة الفلسطينية


حالة الطقس

أسعار العملات
12 يناير 2025
العملة
بيع

المناسبات الاجتماعية

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر