ضحايا التعاطي والادمان

تاريخ النشر: 2010/01/06 - 02:28 مساءا

بقلم \ ملازم . يوسف عطاونه

ضحايا التعاطي والادمان على المخدرات

الاسباب والدوافع

في واقع الحياة الفلسطينية بحلوها ومرها دائما ما هو جديد, وهذا ليس مستغربا على  احد, وشعبنا الوفي هو ككل البشر من لحم ودم, يبدع ويصيب ويخطئ , يفرح ويحزن, رغم ان لحظات الحزن اكثر, لكن الفرق يكمن في اننا مثقلين بالاحمال والهموم دوما, ولا ينقصنا حمل وهم اخر يزيد من اعبائنا ويزيد من حلكة ايامنا سواد .

احد همومنا الراهنة والمتدحرجة ككرة الثلج الاخذة بالكبر, هي ظاهرة المخدرات التى اصبحت تستشرى في اوساط شبابنا واسرنا وتجمعاتنا الفلسطينية, وهنا يطرح السؤال ,   ما هي الاسباب والدوافع التي تلقي بشبابنا في اتون هذا المستنقع الرذيل, وهل هناك من هو مسؤول عن هذا الخطر المدمر : الاجابة لدى الغالبية منا دائما تختصر بانه الاحتلال, صحيح ذلك وممارسته على الارض امام كل البشر لا تدع مجالا للشك بانه هو المسبب لغالبية ما نحن فيه  وما نعيشه من قهر وذل, لكن التسائل الاهم هنا ,هل من مسؤولية تقع علينا نحن الفلسطينين بكل مكوناتنا الاجتماعية والسياسية  افراد ومؤسسات : الغالبية ايضا ستجيب نعم , وهذا هو مربط الفرس .

بالتجربة والعمل الجاد تستوضح النتائج وتتبين الاسباب والدوافع, وبتجربتنا نحن جهاز الشرطة وضعنا ايدينا على الجرح, وهذا ليس زعما بل حقائق معروضة للاطلاع عليها من طرف كل من يريد الحقيقة, ولكل من يهمه الامر, وحقائقنا ليست بكلمات نابعة دائما من افواهنا فقط ,بل نابعة في معضمها من افواه الضحايا انفسهم, ضحايا التعاطي والادمان على المخدرات, هي اقوالهم المدعمة بالكم الهائل من المعلومات والتحريات المكتسبة في اطار عملنا,هذا الضحية شاب يبلغ من العمر ثلاثة وعشرون عاما, ترك مقعد الدراسة في السنة الخامسة من المرحلة الابتدائية ويكاد بصعوبة كتابة اسمه المركب وصعب اللفض حتى من قبل بعض المتعلمين, والده مصلحا اجتماعيا مع احترامنا لكل المصلحين من شعبنا, ووالدته عضوة في مؤسسة خيرية تعنى بشؤون   الاسر, مع كامل الاحترام ايضا,

مثله مثل بقية الشباب الطامحين لحياة كريمة وزوجة مناسبة تلبى طموحه وبيت متوسط, التحق في سوق العمل في احد الورش الاسرائيلية, اصدقائه الخمسة والعاملين في الورشة نفسها لايختلفون عنه كثيرا في الوعي او الطموح او طريقة التفكير, ولايستطيعون جميعهم العودة لمكان سكناهم الا في نهاية الاسبوع بالخفية والتهريب, وذلك لعدم امتلاكهم صكوك غفران احتلالية(تصاريح عمل داخل اسرائيل)وسؤال الوالد والوالدة لولدهم يتركز دائما حول المبلغ الذي تلقاه مقابل عمله الاسبوعي ,ونادرا ما يوجهوا له اسئلة تفيد حول من هم اصدقاء العمل وما هو مسلكهم وما هي  اخلاقهم, ثلاثة منهم اصلا يتعاطون الحشيشة المخدرة, باعتقاد انها منعشة ولا تسبب الضرر الكبير وتعالج امراض الصداع وحالات الاكتئاب والملل على حد زعمهم, حتى جاء اليوم الذي عانى منه ولدهم وفي موقع العمل من حالة صداع , مما حدا بهؤلاء اقناعه بان لا سبيل ولا شافي له الا دوائهم الملعون والذي تناوله مدخننا بواسطة لفافة تحوي خليطا من التبغ والحشيشة المخدرة ,حتى تولدت لديه القناعة بان ذلك صحيحا واصبح مولعا بتناولها يوميا,   اخذا"   منها حلا لكل مشكلاته,

وبعد زمن ليس بالطويل تنائى لسمعه وعبر الشلة نفسها بان هناك انواع اخرى من هذه المواد اكثر نجاعة وتاثير(هيروين), لا بأس فكل هذه المواد والسموم القاتلة متوفرة في هذا المجتمع الديمقراطي الذي لا يقهر(مكان العمل), تناول منها عشرات المرات حتى اصبح مشبعا(مدمنا) وعاد لوالديه جسدا منهكا, لم يحقق الطموح بزوجة وبيت وحياة كريمة, محيطه الاجتماعي لا يرحم والكثير من ابناء الحارة يوجهون له الشتائم ونظرات الاحتقار دون اية وازع او تفكير من احدهم بمحاولة احتضانه او مجرد ارشاده لسبل الخلاص والعلاج والتعافي حتى وصل الامر ببعضهم اتهامه امنيا وطعنه بشرفه دون اي دليل ,

وهو لم يجد سبيل اخر سوى السيرحسب المثل الفلسطيني(ان قالوا عنك سمين قول امين) مفسرا هذا المثل الاصيل حسب وعيه وقناعاته وهاربا من الواقع المحيط, ليستقر به الحال عائدا الى ذاك المكان, مكان الجرعة الاولى, دون معرفة احد بما وصل به الحال, سوى بعض ما يردده بعضهم بانه يعمل حاليا لحساب جهات معادية, والله وحده ادرى واعلم .

اعرف بان البعض سيقول بانني لم افيدهم بكل الاسباب والدوافع التي اودت بهذا الضحية وجعلته ينزلق في هذا المستنقع الرذيل, واعرف ايضا باني لم اجب ولم اتطرق كثيرا لسبل الحماية والعلاج , لكني اعيدكم الاستمرار في سرد الحكاية عبر حلقات لعلنا جميعا نتعظ ونتعاون معا في سبيل محاربة ومنع هذا الهم من تملكنا


جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر الشرطة الفلسطينية

حالة الطقس

أسعار العملات
20 سبتمبر 2024
العملة
بيع

المناسبات الاجتماعية

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر